مدحت الخطيب- خدام المنتدى
العمر : 58
Emploi : محامى
تاريخ التسجيل : 03/07/2007
من طرف مدحت الخطيب الأحد سبتمبر 09, 2007 4:38 pm
نستكمل بعون الله
الشرط الأول : ــ
يشترط في الشكوى المقدمة لتحريك دعوى الزنا أن تكون صادرة كما حددت المادة الثالثة إجراءات جنائية من المجني عليه أو من وكيله الخاص 0
وإذا كان المجني عليه هو صاحب الحق الذي يحميه القانون بنص التجريم ، ووقع الفعل الإجرامي عدوانا مباشرا (1) ، فلا شك أن الزوج هو صاحب الحق أولا وأخيرا ، وبالتالي فليس للأبناء تقديم الشكوى ضد أي من والديهم لارتكابهما الزنا ، ولا للآباء تقديم تلك الشكوى ضد أبنائهم المتزوجين المقترفين لواقعة الزنا ، فلا يملك تقديم هذه الشكوى الا شخص وحيد فقط ، الا وهو الزوج المجني عليه 0
ونرى انه إذا تعددت زوجات المشكو في حقه ، جاز لأي زوجة تقديم الشكوى ، وتحرك دعوى الزنا بناء على شكواها ، حتى وان كانت باقي الزوجات قد رفضن تقديم هذه الشكوى ، ونرى أيضا انه إذا كان ثمة بلد يبيح تعدد الأزواج ، جاز تقديم الشكوى من أي زوج من الأزواج 0
وجوب قيام الزوجية وقت تقديم الشكوى : ــ
ويجب أن تكون علاقة الزوجية قائمة وقت تقديم الشكوى ، فإذا انحل الزواج بالطلاق عقب ارتكاب الواقعة المؤثمة فقد الزوج حقه في تقديم الشكوى (2) 0
على انه يجب أن نفرق في هذا الصدد بين ما إذا كان الطلاق رجعيا أو بائنا ، ويستوى هنا أن يكون الطلاق بائنا بينونة كبرى أو صغرى 0
0
فإذا كان الطلاق رجعيا فان علاقة الزوجية تكون موجودة ، إذ يملك الزوج حق مراجعتها في أي وقت خلال فترة العدة دون عقد أو مهر جديدين ، وبالتالي يجوز لأي من الزوجين تقديم الشكوى ضد زوجه مادام الطلاق مازال رجعيا 0
اما إذا كان الطلاق بائنا فحينئذ يعتبر الزوج هنا غريبا عن زوجه ولا يستطيع أن يعاشره الا بعقد ومهر جديدين ، وبالتالي فهو لا يملك حق تقديم الشكوى 0
ولكن ماذا إذا كان الطلاق بائنا ثم تمت العلاقة بينهما مرة أخري بعقد ومهر جديدين ، فهل يملك الزوج المجني عليه في هذه الحالة تقديم الشكوى ؟
نرى أن الزوج يملك حق تقديم الشكوى في هذه الحالة ، وذلك على أساس أن جريمة الزنا فضلا عن أنها شرعت حفاظا على مشاعر كل زوج نحو زوجه فإنها جريمة اجتماعية ، وقد لا يعلم الزوج عن قيام زوجه بالزنا الا بعد معاشرته له اثناء الزواج الثاني الحاصل بعد طلاق بائن ، وهنا لا يمكن أن نحجر على هذا الزوج أن يثأر لشرفه المثلوم وكرامته التي يحميها القانون له 0
فحق الزوج هنا في تقديم الشكوى مكفول بشرط أن تكون واقعة الزنا قد حدثت خلال فترة الزوجية السابقة أو الطلاق الرجعى وان تكون المواعيد الإجرائية التي يتطلبها القانون مازالت مفتوحة ولم تسقط بمضي المدة المحددة قانونا 0
ونرى أيضا انه يأخذ حكم الطلاق البائن التطليق الذي يصدر بحكم من القاضي 0
تقديم الشكوى من الوكيل : ــ
وإذا كان زوج المشكو في حقه هو وحده الذي يملك تقديم الشكوى ضد زوجه الزانى ، فقد نصت المادة الثالثة إجراءات كما سبق على جواز تقديم تلك الشكوى من الوكيل الخاص للمجني عليه 0
ويلاحظ أن الوكالة إما أنها وكالة قانونية ، بمعنى أن القانون هو الذي ينص عليها وينظم أحكامها ، وإما أن تكون وكالة اتفاقية 0
الوكالة القانونية : ــ
فإذا كان الزوج غير أهل للشكوى كأن يكون صغيرا لم يبلغ من العمر الخامسة عشر كاملة ، أو كان مصابا بجنون ، فان الشكوى لا يجوز تقديمها الا من ولى هذا الزوج (3) 0
وهذا النوع من الوكالة هو عبارة عن وكالة قانونية ، فلا يجوز لغير ولى الزوج المجني عليه في جريمة الزنا تقديم هذه الشكوى 0
ونرى انه من حق الزوج القاصر أو المصاب بعاهة في عقله أن يقدم الشكوى في دعوى الزنا بشرط أن يبلغ من العمر خمسة عشر عاما كاملة على الاقل ، وإذا كان مصابا بعاهة عقلية أن يبرأ منها ، ولكن هذا الشرط معلق على أن تكون المدة المحددة لم تسقط بعد باعتبار انه كان له من يمثله خلال الفترة التي مضت من المدة القانونية (4) 0
ونشير هنا إلي أن الولي الشرعي للزوج المجني عليه في جريمة الزنا والذي يملك حق تقديم الشكوى في دعوى الزنا قد تتعارض مصلحته في تقديم الشكوى مع مصلحة الزوج المنى عليه ، ولذلك كان لابد من وضع حل لهذا الأمر ، وقد تكفلت المادة السادسة من قانون الإجراءات الجنائية بوضع ذلك الحل بنصها على انه " إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله أو لم يكن له من يمثله تقوم النيابة العامة مقامة " 0
الوكالة الاتفاقية : ــ
هذا بالنسبة للوكالة القانونية ، اما إذا كانت الوكالة اتفاقية ، وهى تلك التي يعين الزوج المجني عليه في جريمة الزنا شخصا آخر في تقديم الشكوى نيابة عنه إلي الجهة المختصة قانونا ، فيجب أن يكون هذا التوكيل توكيلا خاصا فيحدد له حقه في تقديم الشكوى نيابة عنه ضد زوجه الذي خان معه الحياة الزوجية وشريكه الذي قام معه بالزنا ، ولا يتعدى هذه الواقعة إلي واقعات أخري حتى ولو كانت على اتصال كبير بالواقعة محل الزنا 0
وأمام صراحة نص المادة السادسة من قانون الإجراءات الجنائية فانه لا يجوز أن يكون التوكيل في تقديم الشكوى لتحريك دعوى الزنا توكيلا عاما ، بل يجب أن يكون التوكيل توكيلا خاصا 0
ويستوى في نظرنا أن يكون التوكيل الخاص رسميا أو عرفيا ، فلا يجب التشدد فنشترط أن يكون التوكيل موثقا رسميا ، ذلك أن المشرع لم يشر إلي الرسمية من قريب أو بعيد ، وكل ما اشترطه أن يكون التوكيل خاصا فقط لا غير 0
ولا يجوز أن يصدر التوكيل الخاص لتحريك دعوى الزنا عن جريمة لم تحدث بعد ، فيجب أن تكون الواقعة قد تمت فعلا قبل إصدار التوكيل الخاص 0
وهناك مسالة أخري محل بحث ، فالزوج الذي اصدر توكيلا خاصا لتحريك دعوى الزنا ولم يكن يعلم أن زوجه قد خان العلاقة الزوجية ولكنه اصدر هذا التوكيل لتحريك الدعوى عن جريمة زنا قد تحدث مستقبلا ، فهل يعتبر هذا التوكيل صحيحا ويجوز للوكيل تقديم الشكوى بموجبـه أم لا ؟
الحقيقة انه لا يمكن إنكار أن جريمة الزنا قد وقعت قبل إصدار التوكيل وبالتالي يكون التوكيل اللاحق عليها مستقبلا صحيحا ومنتجا كافة الآثار المترتبة عليه ، ولذلك فانه بناء على هذا القول أن نصرح انه لا غبار على الوكيل أن هو قدم الشكوى بناء على هذا التوكيل 0
بيد انه من ناحية أخري لا يمكننا التسليم بإجازة تقديم الشكوى من الوكيل بناء على هذا التوكيل خاصة وان الزوج علم أن واقعة الزنا تمت قبل إصدار هذا التوكيل ، والا فلو أصر الزوج على تقديم الشكوى من الوكيل بناء على التوكيل الذي أصدره له لكان سيئ النية ووجب رد سوء نيته إلي نحره ، وكل ما للزوج أن يفعله هو أحد أمرين ، فإما أن يقدم شكوى بنفسه ، وإما أن يصدر توكيلا خاصا آخر لتحريك الدعوى في هذه الجريمة ، وذلك كله إذا كان يرغب في تقديم زوجه إلي الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة 0
آراء الفقه في اشتراط الزوجية لصحة الشكوى : ــ
قلنا فيما سبق انه يجب أن تقوم علاقة الزوجية كشرط أساسي لتقديم الشكوى ، ولذلك فانه قد يقوم الزوج الجاني درءا لتحريك دعوى الزنا قبله بتقديم شكوى مكن زوجه المجني عليه ، فإنا نراه يقوم بتطليق زوجته ، أو تطلق الزوجة الزانية نفسها من زوجها إذا كانت العصمة بيدها وحكمت لها المحكمة بالتطليق ، وبالتالي فلا يستطيع الزوج المجني عليه تقديم شكواه في دعوى الزنا ، ونفس الحال كذلك بالنسبة للتطليق ، وهنا لا يجوز للزوج تقديم الشكوى ضد زوجته 0
ولا شك أن اشتراط قيام العلاقة الزوجية قد يلحق ضررا بالغا بالنسبة للزوجة المسلمة التي يستطيع زوجها أن يطلقها في أي وقت (5) 0
ولا شك أن الزوج الذي يحاول درء اتهام الزنا عن نفسه بسقوط حق زوجه في الشكوى عن طريق الطلاق أو التطليق بالنسبة للمرأة ، يعتبر زوجا قاسيا معدوم الإنسانية لا يستحق شفقة ولا رحمة ، خاصة وانه قد تترتب على الطلاق آثار لا تحمد عقباها وبالذات إذا وضعنا فى الحسبان أن الزوج المجني عليه الذي طلق كان على خلق حسن ، أمين على حياته الزوجية ، وان الطلاق جاء نتيجة التعسف في استعمال الحق ، ففي هذه الحالة كيف يمكننا أن نسقط حق الزوج المجني عليه من الشكوى خاصة وان الزوج الثاني قد تذرع بالطلاق وهو ابغض الحلال عند الله عز وجل ؟ 0
ولذلك فانه قد ذهب البعض إلي أن حصول الطلاق بعد الجريمة لا يحرم الزوج المجني عليه من حق الشكوى (6) 0
على انه في كل حال فنحن لا نملك الا الخضوع أمام نصوص المادتين 273 ، 277 عقوبات واللتين تشترطان تقديم الشكوى من الزوج أو الزوجة 0
غير أننا نستطيع أن نوصى المشرع بتعديل هذه النصوص بحيث يتسنى تقديم الشكوى حتى بعد حصول الطلاق على أن يضع المشرع شروطا خاصة للحصول على هذا الحق الذي يبيح للزوج تقديم الشكوى ضد زوجه في دعوى الزنا 0
مقام النيابة العامة مقام الزوج في تقديم الشكوى : ــ
قلنا انه لا يجوز تحريك دعوى الزنا الا بتقديم شكوى ، ولا يجوز تقديم هذه الشكوى الا من الزوج المجني عليه أو وكيله الخاص وفقا لما تقضى به المادة الثالثة إجراءات جنائية 0
وقلنا انه إذا كان الزوج لم يبلغ الخامسة عشر من عمره أو كان مصابا بعاهة عقلية فان وليــــه الشرعي هو الذي يقوم مقامه في تقديم الشكوى 0
ولكن من المتصور أن يكون الزوج غير ا أهل للشكوى لأي سبب من الأسباب ، وليس له من يمثله ، فمن الذي يستطيع تقديم الشكوى حينئذ ؟
تنص المادة السادسة من قانون الإجراءات الجنائية على انه " إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله أو لم يكن له من يمثله تقوم النيابة العامة مقامة " 0
ويتبين لنا من هذا النص أن النيابة العامة هي التي تقوم مقام الزوج إذا لم يكن له من يمثله قانونا ، وإذا لم يكن أهلا للشكوى 0
ونعتقد انه في هذه الحالة يجوز للنيابة العامة تحريك دعوى الزنا ضد الزوج الزانى دون حاجة إلي صدور شكوى من الزوج المجني عليه ، إذ هي تقوم مقامه بقوة القانون ، على انه من ناحية أخري نرى انه يجوز للزوج وقد اصبح أهلا للشكوى أن يعلن عن رغبته في عدم محاكمة زوجه ، وهنا تقف إجراءات الدعوى وذلك كله طبقا للقواعد العامة في جرائم الشكوى والتي تقضى انه من حق من قدم شكوى أن يتنازل عنها في أي وقت إلي أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل 0
ونرى أيضا انه إذا اصبح للزوج من يمثله ، فان هذا الأخير يستطيع أن يتنازل عن الشكوى فتوقف إجراءات الدعوى طالما لم يصبح الزوج أهلا للشكوى بعد 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د 0 نجيب حسنى 0 المرجع السابق 0 بند 121 ص 122 والمرجع المشار إليه هـ 1 0
(2) نقض 6 مارس 1933 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 97 ص 148
(3) تنص المادة الخامسة فقرة أولي من قانون الإجراءات الجنائية على انه " إذا كان المجني عليه فى الجريمة لم يبلغ خمس عشرة سنة كاملة أو كان مصابا بعاهة فى عقله تقدم الشكوى ممن له الوصاية عليه " 0
(4) د 0 نجيب حسنى 0 المرجع السابق 0 بند 122 ص 124 والمرجع المشار إليه هـ 2 0
(5) د 0 إدوار الذهبى 0 المرجع السابق بند 24 ص 61 0
(6) د 0 إدوار الذهبى 0 المرجع السابق ، ص 61 ، 62 والمرجع المشار إليه ص 60 هـ 2 0
نستكمل لاحقا باذن الله
_________________
سبحانك اللهم وبحمد
نشهد ان لا اله الا انت
نستغفرك ونتوب اليك