تمهيد : ــ
حدد المشرع اركان جريمة زنا الزوجة في المادة 274 من قانون العقوبات حين نص على أن (المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها ان يقف تنفي هذا الحكم برضائه معاشرتها كما كانت ) 0
اذن يتبين لنا من مطالعة هذه المادة انه لابد من اركان ثلاثة كي تتوافر جريمة زنا الزوجة وهى : ــ
ركن مادي : ويتمثل في الوطء غير المشروع 0
ركن معنوي : ويتمثل في القصد الجنائى 0
أخيرا : ركن مفترض ويتمثل في علاقة الزوجية 0
أولا الركن المادي : الوطء غير المشروع : ــ
يشترط أن تجتمع امرأة متزوجة برجل غير زوجها ويحدث بينهما اتصال جنسى تام ، بمعنى انه لابد أن يدخل عضو الرجل التناسلي في عضو المرأة التناسلي ، فلا تقوم الجريمة أن كان عضو التذكير قد أولج في دبر المرأة أو وضعه في الفم أو بين الثديين وغير ذلك من أفعال الفحش (1) 0
أيضا لا تقوم الجريمة إذا ما كان الذي أولج في العضو التناسلي للمرأة هو عضو من أعضاء الرجل غير التناسلية ، أي انه لا جريمة إذا ادخل رجل أصبع يده أو ساقه في فرج المرأة 0
على أن هذا الاتصال يجب أن يكون بين الأحياء ، فينقضي الركن المادي إذا كان الرجل ميتا
أو كانت المرأة ميتة 0
ولكن هل تتوافر اركان الجريمة إذا كان قد تم الوطء بين رجل وامرأة على قيد الحياة ثم توفى الرجل أثناء الوطء وقبل أن يخرج عضوه الذكرى من عضو المرأة التناسلي ؟
من جهتنا نحن نرى أن الركن المادي قد تم وتتوافر الجريمة بتوافر باقي الأركان المتطلبة ، ولكن بالطبع لن يتم تقديم الزناة للمحاكمة نظرا لوفاة الجاني ، ولكن إذا كان المتوفى هو الزوجة نفسها فالرجل لن يسال عن جريمة الاشتراك في زنا الزوجة ، إذ لا يصح أن ترفع الدعوى عليه بهذه الجريمة وحده دون الزوجة الزانية 0
من ناحية أخري ، فانه إذا تم تلقيح الأنثى تلقيحا صناعيا دون اتصال نسى ، فانه لا تتوافر جريمة الزنا سواء تم التلقيح برضاء أو دون موافقة الزوجة 0
إذا تم هذا الوطء بهذه الصورة اكتمل الركن المادي للجريمة ، ولا يؤثر فيه كون الرجل أمني أم لم يمن ، اشبع شهوته أم لا ، صغيرا كان أم كبيرا ، ولا يؤثر فيه كذلك كون المرأة في فترة المحيض من عدمه ، أو إذا كانت قد بلغت سن اليأس أم ما زالت في ريعان شبابها ، فالركن المادي يتوافر طالما حدث وطء بين رجل وامرأة متزوجة في المكان الطبيعي لذلك 0
هذا وان كان من المتصور الشروع في جريمة زنا الزوجة الا أن المشرع لم ينص على تجريم الشروع في الزنا نظرا لأنه لا شروع في جنحة الا بنص ، والمشرع المصري لم ينص على اعتبار جنحة الزنا من الجنح التي يقع فيها الشروع المعاقب عليه 0
ثانيا الركن المعنوى : القصد الجنائى : ــ
يجب أن يتوافر القصد الجنائى بشقيه العلم والارادة كي تساءل المرأة المتزوجة عن جريمة الزنا ، فيجب أن تعلم انها على عصمة رجل متزوج منها ، فإذا ما اعتقدت المرأة التي طلقت أن الطلاق قد بات بائنا في حين أن الواقع فعلا أن زوجها قد ردها إليه فإنها تكون معذورة لجهلها عملية الرد وتنتفي تبعا لذلك جريمة الزنا 0
كذلك تنتفي الجريمة إذا ما رسا في وجدانها أن زوجها قد وافته المنية ، وذلك كأن يخرج الزوج في سفر مع جماعة وعند العودة يجمع كل من كان معه في السفر أن الزوج قد لقي حتفه ثم يتبين بعد ذلك حياته وعدم مماته 0
ويجب أن تعلم المرأة أيضا انها تتصل اتصالا جنسيا غير مشروع مع غير زوجها ، فلو سلمت المرأة نفسها لرجل كانت تظنه هو زوجها فلا جريمة بالنسبة لها 0
فلو أن امراة كفيفة جاءها رجل على فراشها وكان يجيد تقليد أصوات الناس فقلد صوت زوجها فاستسلمت له وسلمت له نفسها فهى بريئة من جريمة الزنا إذا ما استندت إلي أن الذي واقعها كانت تظنه زوجها 0
فضلا عن وجوب توافر العلم فانه يشترط توافر ركن هام جدا ، الا وهو ركن الإرادة ، أي أن تتوافر إرادة هذه المراة بواقعات جريمة الزنا في ركنها المادي 0
فلا جريمة إذا أكرهت المرأة على أن يطأها شخص غير زوجها سواء كان الإكراه ماديا أو معنويا ، ويكون الإكراه ماديا كأن يضربها آخر أو يعذبها جسديا حتى تسلم له نفسها أو يحاول جرحها أو قتلها أن لم توافق على أن يعاشرها معاشرة الأزواج ، ويكون الإكراه معنويا إذا ما هددها آخر بإحداث أذى يصيبها في نفسها أو مالها أو عزيز لديها وتوعدها ما لم تقدم له نفسها 0
وإذا كانت جريمة الزنا لا تقوم إذا وجد الإكراه ، فان ثمة جريمة أخري تولد إذا ما توافر لها باقي أركانها المطلوبة ، الا وهى جريمة اغتصاب الإناث والتي سوف نعالجها في حينها بمشيئة الله تعالى 0
فإذا ما توافر العلم بواقعات الركن المادي للجريمة وتم الوطء دون إكراه ولكن برضاها وإرادتها توافر في حق الزوجة جريمة زنتا الزوجة المعاقب عليها قانونا 0
ثالثا الركن المفترض : قيام علاقة الزوجية : ــ
لا يكفى لقيام جريمة الزنا قانونا توافر ركنيها المادي والمعنوي والسابق شرحهما ، ولكن لابد من وجود ركن مفترض ثالث بدونه تبيت الواقعة غير معاقب عليها بجريمة الزنا ، هذا الركن الهام هو خاص بوجوب قيام علاقة الزوجية اثناء مقارفة الزوجة للوقائع المادية لجريمة الزنا 0
على هذا الأمر فلا جريمة إذا تم الوقاع قبل انعقاد الزواج حتى ولو كانت في فترة الخطوبة ، إذ أن انعقاد عقد الزواج يوجب أن تسال الزوجة عن أمانتها لزوجها والإخلاص له ولمشاعره كزوج ، فالمخطوبة التي واقعها رجل رضاها لا يجوز لخطيبها التقدم بشكوى لتحريك دعوى الزنا ضد خطيبته لارتكاب جريمة الزنا ، إذ أن الجريمة هنا غير متوافر شروطها باعتبار أن عقد الزواج لم بتم حتى وقت ارتكاب الخطيبة لعملية الوقاع 0
والزواج لابد أن يكون قائما فعلا أو حكما ، والزواج القائم فعليا يتوافر إذا كان الزوجان يعيشان معا في مسكن واحد بصفة مستمرة بصرف النظر عن حدوث ظروف تجعل الزوج يغيب عن منزل الزوجية بعضا من الوقت أو كان الزوج يقضى بعض أيامه بعيدا في مقر عمله (2) 0
ويجب أن يكون عقد الزواج صحيحا ، إذ العقد الصحيح هو فقط الذي يلزم المرأة بالأمانة والإخلاص لزوجها ، فإذا كان العقد باطلا أو فاسدا فلا يقع الزنا ، وإذا ما ادعت الزوجة انها لا تحل لزوجها لسبب ما ، فعلى المحكمة أن توقف الفصل فى الموضوع حتى تحكم محكمة الأحوال الشخصية بصحة عقد الزواج أم لا ، فإذا ثبت عدم صحة عقد الزواج حكمت المحكمة ببراءة المرأة من جريمة الزنا لان الوطء بينها وبين رجل غير زوجها قد حدث اثناء قيام زوجية فاسدة أو باطلة 0
ويذهب البعض إلي أن الزواج العرفية القائم بين الزوجين لا يمنع الزوج الحق في إقامة دعوى الزنا إذا ما زنت زوجته (3) ، غير أننا نرى أن هذا القول جانبه الصواب ، إذا المطلوب
هنا هو كون الزواج عقدا صحيحا لا يشوبه البطلان أو الفساد ، وإذا كان الأصل انه يتم الزواج دون توثيق رسمي أمام الجهات المختصة فانه لا مانع نراه من وجوب إنزال عقوبة جريمة الزنا على الزوجة الزانية في ظل عقد زواج عرفي صحيح ، إذ انه عقد صحيح به يقوم الزواج وتترتب عليه الآثار الخاصة بعقود الزواج 0
وإذا كان لا يشترط حسب الأصل أن يكون عقد الزواج موثقا فانه من باب أولى تتوافر صفة قيام الزوجية إذا ما كان هذا العقد موثقا على يد مأذون أو أمام مكاتب التوثيق الرسمية 0
ومتى ثبت توافر قيام حالة الزوجية فانه يستوي أن يكون الزوج قد دخل بزوجته أم لا ، ففي كلتا الحالتين تقوم الجريمة 0
ويستوي أن تكون قيام حالة الزوجية قائمة حكما أو فعلا ، وتكون حالة الزوجية قائمة حكما في الفترة الواقعة بين إبرام عقد الزواج وبين الدخول الفعلي ، وفى فترة الطلاق الرجعى 0
على هذا ، فانه يعاقب على الزنا في بعض حالات الطلاق ولا يعاقب عليه في بعض حالات أخري وذلك على التفصيل الآتي : ــ
فانه لا عقاب على الزنا إذا تم اثناء الطلاق البائن بصرف النظر عما إذا كان الطلاق بائنا بينونة كبرى أم صغرى ، إذ بالطلاق البائن ينحل عقد الزواج ولا تحل المرأة لزوجها الا بعقد ومهر جديدين وذلك إذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى ، اما إذا كان الطلاق بائنا بينونة كبرى فإنها لا تحل له الا بعد أن تتزوج زوجا غير مطلقها ثلاث مرات من الطلاق ولا يستطيع الزوج في الطلاق البائن تقديم شكوى الزنا 0
ويعاقب على الزنا إذا ما حدث اثناء الرجعى ، فيحق للزوج تقديم شكوى لتحريك الدعوى العمومية قبل زوجته بتهمة الزنا إذا ما زنت اثناء عدة الطلاق الرجعى 0
الزوج المفقود وغيابه : ــ
قلنا انه يشترط للعقاب على زنا الزوجة أن يكون ثمة عقد زواج صحيح ، فإذا ما انحلت رابطة الزوجية للوفاة أو الطلاق فلا يجوز العقاب على واقعة الزنا التي تمت بعد الانحلال 0
ولكن يثور التساؤل حول ما إذا اقترفت المرأة الزنا في وقت كان زوجها مفقودا أو غائبا ولا يعلم حياته أو مماته 0
والرأي عندنا في هذا الصدد انه يجب التفرقة بين زنا الزوجة قبل أن يحكم القاضي باعتبار الزوج ميتا وبعد صدور ذلك الحكم 0
فإذا زنت المرأة قبل أن يحكم القاضى باعتبار الزوج ميتا فإننا نرى أن الجريمة قد توافرت في حقها إذ أنها ما زالت على عصمة زوجها المفقود فهو يحل له معاشرتها معاشرة الأزواج وله عليها كافة حقوق الزوجية طالما لم يصدر حكم القاضى باعتباره ميتا 0
اما إذا كان الزنا بعد صدور حكم القاضى باعتبار المفقود ميتا ، فإننا نذهب إلي انه لا محل لعقوبة المرأة بجريمة الزنا إذ أنها تعتبر أرملة متوفى عنها زوجها ، هذا وان حدث الزنا عقب صدور حكم القاضى باعتبار المفقود ميتا مباشرة 0
وأما عن الزوج الغائب فإننا نرى أن أحكام الزوج المفقود هي التي تسرى ويجب أن تتبع ، فتعاقب المرأة الزانية بعقوبة الزنا قبل صدور حكم القضاء بتطليق الزوجة من زوجها للغيبة سنة بلا عذر مقبول وتضررها من ذلك ، فإذا ما صدر حكم القضاء بالتطليق فلا عقوبة على الزوجة ن هي زنت بعد صدور هذا الحكم حتى وان وقع الزنا بعد صدور الحكم مباشرة 0
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) د 0 ادوارد الذهبى 0 الجرائم الجنسية ص 27 0
(2) سيد حسن البغال 0 الجرائم المخلة بالآداب فقها وقضاء بند 545 ص 316
(3) سيد حسن البغال 0 المرجع السابق بند 545 ص 317
حدد المشرع اركان جريمة زنا الزوجة في المادة 274 من قانون العقوبات حين نص على أن (المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها ان يقف تنفي هذا الحكم برضائه معاشرتها كما كانت ) 0
اذن يتبين لنا من مطالعة هذه المادة انه لابد من اركان ثلاثة كي تتوافر جريمة زنا الزوجة وهى : ــ
ركن مادي : ويتمثل في الوطء غير المشروع 0
ركن معنوي : ويتمثل في القصد الجنائى 0
أخيرا : ركن مفترض ويتمثل في علاقة الزوجية 0
أولا الركن المادي : الوطء غير المشروع : ــ
يشترط أن تجتمع امرأة متزوجة برجل غير زوجها ويحدث بينهما اتصال جنسى تام ، بمعنى انه لابد أن يدخل عضو الرجل التناسلي في عضو المرأة التناسلي ، فلا تقوم الجريمة أن كان عضو التذكير قد أولج في دبر المرأة أو وضعه في الفم أو بين الثديين وغير ذلك من أفعال الفحش (1) 0
أيضا لا تقوم الجريمة إذا ما كان الذي أولج في العضو التناسلي للمرأة هو عضو من أعضاء الرجل غير التناسلية ، أي انه لا جريمة إذا ادخل رجل أصبع يده أو ساقه في فرج المرأة 0
على أن هذا الاتصال يجب أن يكون بين الأحياء ، فينقضي الركن المادي إذا كان الرجل ميتا
أو كانت المرأة ميتة 0
ولكن هل تتوافر اركان الجريمة إذا كان قد تم الوطء بين رجل وامرأة على قيد الحياة ثم توفى الرجل أثناء الوطء وقبل أن يخرج عضوه الذكرى من عضو المرأة التناسلي ؟
من جهتنا نحن نرى أن الركن المادي قد تم وتتوافر الجريمة بتوافر باقي الأركان المتطلبة ، ولكن بالطبع لن يتم تقديم الزناة للمحاكمة نظرا لوفاة الجاني ، ولكن إذا كان المتوفى هو الزوجة نفسها فالرجل لن يسال عن جريمة الاشتراك في زنا الزوجة ، إذ لا يصح أن ترفع الدعوى عليه بهذه الجريمة وحده دون الزوجة الزانية 0
من ناحية أخري ، فانه إذا تم تلقيح الأنثى تلقيحا صناعيا دون اتصال نسى ، فانه لا تتوافر جريمة الزنا سواء تم التلقيح برضاء أو دون موافقة الزوجة 0
إذا تم هذا الوطء بهذه الصورة اكتمل الركن المادي للجريمة ، ولا يؤثر فيه كون الرجل أمني أم لم يمن ، اشبع شهوته أم لا ، صغيرا كان أم كبيرا ، ولا يؤثر فيه كذلك كون المرأة في فترة المحيض من عدمه ، أو إذا كانت قد بلغت سن اليأس أم ما زالت في ريعان شبابها ، فالركن المادي يتوافر طالما حدث وطء بين رجل وامرأة متزوجة في المكان الطبيعي لذلك 0
هذا وان كان من المتصور الشروع في جريمة زنا الزوجة الا أن المشرع لم ينص على تجريم الشروع في الزنا نظرا لأنه لا شروع في جنحة الا بنص ، والمشرع المصري لم ينص على اعتبار جنحة الزنا من الجنح التي يقع فيها الشروع المعاقب عليه 0
ثانيا الركن المعنوى : القصد الجنائى : ــ
يجب أن يتوافر القصد الجنائى بشقيه العلم والارادة كي تساءل المرأة المتزوجة عن جريمة الزنا ، فيجب أن تعلم انها على عصمة رجل متزوج منها ، فإذا ما اعتقدت المرأة التي طلقت أن الطلاق قد بات بائنا في حين أن الواقع فعلا أن زوجها قد ردها إليه فإنها تكون معذورة لجهلها عملية الرد وتنتفي تبعا لذلك جريمة الزنا 0
كذلك تنتفي الجريمة إذا ما رسا في وجدانها أن زوجها قد وافته المنية ، وذلك كأن يخرج الزوج في سفر مع جماعة وعند العودة يجمع كل من كان معه في السفر أن الزوج قد لقي حتفه ثم يتبين بعد ذلك حياته وعدم مماته 0
ويجب أن تعلم المرأة أيضا انها تتصل اتصالا جنسيا غير مشروع مع غير زوجها ، فلو سلمت المرأة نفسها لرجل كانت تظنه هو زوجها فلا جريمة بالنسبة لها 0
فلو أن امراة كفيفة جاءها رجل على فراشها وكان يجيد تقليد أصوات الناس فقلد صوت زوجها فاستسلمت له وسلمت له نفسها فهى بريئة من جريمة الزنا إذا ما استندت إلي أن الذي واقعها كانت تظنه زوجها 0
فضلا عن وجوب توافر العلم فانه يشترط توافر ركن هام جدا ، الا وهو ركن الإرادة ، أي أن تتوافر إرادة هذه المراة بواقعات جريمة الزنا في ركنها المادي 0
فلا جريمة إذا أكرهت المرأة على أن يطأها شخص غير زوجها سواء كان الإكراه ماديا أو معنويا ، ويكون الإكراه ماديا كأن يضربها آخر أو يعذبها جسديا حتى تسلم له نفسها أو يحاول جرحها أو قتلها أن لم توافق على أن يعاشرها معاشرة الأزواج ، ويكون الإكراه معنويا إذا ما هددها آخر بإحداث أذى يصيبها في نفسها أو مالها أو عزيز لديها وتوعدها ما لم تقدم له نفسها 0
وإذا كانت جريمة الزنا لا تقوم إذا وجد الإكراه ، فان ثمة جريمة أخري تولد إذا ما توافر لها باقي أركانها المطلوبة ، الا وهى جريمة اغتصاب الإناث والتي سوف نعالجها في حينها بمشيئة الله تعالى 0
فإذا ما توافر العلم بواقعات الركن المادي للجريمة وتم الوطء دون إكراه ولكن برضاها وإرادتها توافر في حق الزوجة جريمة زنتا الزوجة المعاقب عليها قانونا 0
ثالثا الركن المفترض : قيام علاقة الزوجية : ــ
لا يكفى لقيام جريمة الزنا قانونا توافر ركنيها المادي والمعنوي والسابق شرحهما ، ولكن لابد من وجود ركن مفترض ثالث بدونه تبيت الواقعة غير معاقب عليها بجريمة الزنا ، هذا الركن الهام هو خاص بوجوب قيام علاقة الزوجية اثناء مقارفة الزوجة للوقائع المادية لجريمة الزنا 0
على هذا الأمر فلا جريمة إذا تم الوقاع قبل انعقاد الزواج حتى ولو كانت في فترة الخطوبة ، إذ أن انعقاد عقد الزواج يوجب أن تسال الزوجة عن أمانتها لزوجها والإخلاص له ولمشاعره كزوج ، فالمخطوبة التي واقعها رجل رضاها لا يجوز لخطيبها التقدم بشكوى لتحريك دعوى الزنا ضد خطيبته لارتكاب جريمة الزنا ، إذ أن الجريمة هنا غير متوافر شروطها باعتبار أن عقد الزواج لم بتم حتى وقت ارتكاب الخطيبة لعملية الوقاع 0
والزواج لابد أن يكون قائما فعلا أو حكما ، والزواج القائم فعليا يتوافر إذا كان الزوجان يعيشان معا في مسكن واحد بصفة مستمرة بصرف النظر عن حدوث ظروف تجعل الزوج يغيب عن منزل الزوجية بعضا من الوقت أو كان الزوج يقضى بعض أيامه بعيدا في مقر عمله (2) 0
ويجب أن يكون عقد الزواج صحيحا ، إذ العقد الصحيح هو فقط الذي يلزم المرأة بالأمانة والإخلاص لزوجها ، فإذا كان العقد باطلا أو فاسدا فلا يقع الزنا ، وإذا ما ادعت الزوجة انها لا تحل لزوجها لسبب ما ، فعلى المحكمة أن توقف الفصل فى الموضوع حتى تحكم محكمة الأحوال الشخصية بصحة عقد الزواج أم لا ، فإذا ثبت عدم صحة عقد الزواج حكمت المحكمة ببراءة المرأة من جريمة الزنا لان الوطء بينها وبين رجل غير زوجها قد حدث اثناء قيام زوجية فاسدة أو باطلة 0
ويذهب البعض إلي أن الزواج العرفية القائم بين الزوجين لا يمنع الزوج الحق في إقامة دعوى الزنا إذا ما زنت زوجته (3) ، غير أننا نرى أن هذا القول جانبه الصواب ، إذا المطلوب
هنا هو كون الزواج عقدا صحيحا لا يشوبه البطلان أو الفساد ، وإذا كان الأصل انه يتم الزواج دون توثيق رسمي أمام الجهات المختصة فانه لا مانع نراه من وجوب إنزال عقوبة جريمة الزنا على الزوجة الزانية في ظل عقد زواج عرفي صحيح ، إذ انه عقد صحيح به يقوم الزواج وتترتب عليه الآثار الخاصة بعقود الزواج 0
وإذا كان لا يشترط حسب الأصل أن يكون عقد الزواج موثقا فانه من باب أولى تتوافر صفة قيام الزوجية إذا ما كان هذا العقد موثقا على يد مأذون أو أمام مكاتب التوثيق الرسمية 0
ومتى ثبت توافر قيام حالة الزوجية فانه يستوي أن يكون الزوج قد دخل بزوجته أم لا ، ففي كلتا الحالتين تقوم الجريمة 0
ويستوي أن تكون قيام حالة الزوجية قائمة حكما أو فعلا ، وتكون حالة الزوجية قائمة حكما في الفترة الواقعة بين إبرام عقد الزواج وبين الدخول الفعلي ، وفى فترة الطلاق الرجعى 0
على هذا ، فانه يعاقب على الزنا في بعض حالات الطلاق ولا يعاقب عليه في بعض حالات أخري وذلك على التفصيل الآتي : ــ
فانه لا عقاب على الزنا إذا تم اثناء الطلاق البائن بصرف النظر عما إذا كان الطلاق بائنا بينونة كبرى أم صغرى ، إذ بالطلاق البائن ينحل عقد الزواج ولا تحل المرأة لزوجها الا بعقد ومهر جديدين وذلك إذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى ، اما إذا كان الطلاق بائنا بينونة كبرى فإنها لا تحل له الا بعد أن تتزوج زوجا غير مطلقها ثلاث مرات من الطلاق ولا يستطيع الزوج في الطلاق البائن تقديم شكوى الزنا 0
ويعاقب على الزنا إذا ما حدث اثناء الرجعى ، فيحق للزوج تقديم شكوى لتحريك الدعوى العمومية قبل زوجته بتهمة الزنا إذا ما زنت اثناء عدة الطلاق الرجعى 0
الزوج المفقود وغيابه : ــ
قلنا انه يشترط للعقاب على زنا الزوجة أن يكون ثمة عقد زواج صحيح ، فإذا ما انحلت رابطة الزوجية للوفاة أو الطلاق فلا يجوز العقاب على واقعة الزنا التي تمت بعد الانحلال 0
ولكن يثور التساؤل حول ما إذا اقترفت المرأة الزنا في وقت كان زوجها مفقودا أو غائبا ولا يعلم حياته أو مماته 0
والرأي عندنا في هذا الصدد انه يجب التفرقة بين زنا الزوجة قبل أن يحكم القاضي باعتبار الزوج ميتا وبعد صدور ذلك الحكم 0
فإذا زنت المرأة قبل أن يحكم القاضى باعتبار الزوج ميتا فإننا نرى أن الجريمة قد توافرت في حقها إذ أنها ما زالت على عصمة زوجها المفقود فهو يحل له معاشرتها معاشرة الأزواج وله عليها كافة حقوق الزوجية طالما لم يصدر حكم القاضى باعتباره ميتا 0
اما إذا كان الزنا بعد صدور حكم القاضى باعتبار المفقود ميتا ، فإننا نذهب إلي انه لا محل لعقوبة المرأة بجريمة الزنا إذ أنها تعتبر أرملة متوفى عنها زوجها ، هذا وان حدث الزنا عقب صدور حكم القاضى باعتبار المفقود ميتا مباشرة 0
وأما عن الزوج الغائب فإننا نرى أن أحكام الزوج المفقود هي التي تسرى ويجب أن تتبع ، فتعاقب المرأة الزانية بعقوبة الزنا قبل صدور حكم القضاء بتطليق الزوجة من زوجها للغيبة سنة بلا عذر مقبول وتضررها من ذلك ، فإذا ما صدر حكم القضاء بالتطليق فلا عقوبة على الزوجة ن هي زنت بعد صدور هذا الحكم حتى وان وقع الزنا بعد صدور الحكم مباشرة 0
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) د 0 ادوارد الذهبى 0 الجرائم الجنسية ص 27 0
(2) سيد حسن البغال 0 الجرائم المخلة بالآداب فقها وقضاء بند 545 ص 316
(3) سيد حسن البغال 0 المرجع السابق بند 545 ص 317