بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بلغت شطحات رشاد خليفة مبلغا لا يمكن التغافل عنه أبدا ، فلم يكتف بادعائه بالرسالة ولا بإنكاره للسنة النبوية المطهرة ، وغير ذلك من الامور العظام الجسام ، بل نراه قد بلغ به الأمر الادعاء أن آخر آيتين من سورة التوبة مزورتان ومدسوستان على القران الكريم دسا حيث يقول : فبعد وفاة النبي محمد دس بعض كتبة القرآن الكريم آيتين مزيفتين في آخر سورة براءة ( سورة التوبة ) وهى آخر سورة نزلت في المدينة المنورة ، ولسوف تثبت الأدلة التي سنقدمها في هذا الملحق إثباتا قطعيا زور هاتين الآيتين ولسوف تؤكد لزوم إزالة هاتين الآيتين من سورة التوبة ليعود القرآن كما أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه الكريم نقيا وكاملا 0
ويدعى رشاد خليفة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يده حيث يقول : وكان الاتفاق هو أن تكتب كل النسخ على نمط المصحف الأصلي الذي كتبه النبي محمد بنفسه بخط يده من الوحي الإلهي
وفى موضع آخر يقول : وكما نعرف فإن النبي محمد كتب القرآن بالترتيب الذي نزل به عليه ومعه تعليمات واضحة ومحددة لوضع كل جزء في مكانه المقرر له
ويدعى المذكور ان سبب إضافة آخر آيتي التوبة كان اقتراحا من بعض الصحابة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام ، حيث يقول : وعندما وصل كتبة القرآن إلي سورة براءة ( التوبة) وضعوها في مكانها المقرر لها وهو السورة التاسعة في المصحف ، ولكن أحد الكتبة اقترح إضافة آيتين لتكريم وتشريف النبي محمد . وباستثناء على ابن أبى طالب فقد وافق أعضاء الجماعة المشرفة على كتابة القرآن على هذا الاقتراح . وغضب على بن أبي طالب غضبا شديدا واعترض بشدة على تغيير ما كتبه النبي بنفسه
ثم نراه بعد ذلك يجهد نفسه بعمليات حسابية يحاول من خلالها إثبات أن آخر آيتي التوبة مزورتان ومدسوستان على القران الكريم ، ومما قاله في هذا الشأن ما يلي : أول مخالفة للتركيب الحسابي للقرآن في الآيات 128 و 129 يظهر بجلاء عندما وجدنا أن عدد كلمة ( الله ) في كل القرآن هو 2699 وهو رقم ليس من مضاعفات الرقم 19 ، إذا عددنا 128،129 بينما عدد كلمة الله في القرآن بدون هاتين الآيتين هو 2698 =142 x 19 وهو نفس نظام الإعجاز الحساب في بقية القرآن
هذا وقد قمنا بالاطلاع على ترجمة القران الكريم لرشاد خليفة فوجدنا قد اسقط بالفعل آخر آيتي التوبة ، وهذا معناه انه عامد عمدا مؤكدا على إسقاطهما من القران الكريم وإضلال الناس وإبعادهم عن طريق الهدى والصراط المستقيم
وسوف نقوم بمشيئة الله تعالى بالرد على معتقدات وافتراءات رشاد خليفة من حيث آخر أدلته بشان آخر آيتي التوبة
أولا : الرد على دليل الرقم 19 سبق لنا في الجزأين السابقين أن قلنا أن رشاد خليفة يرى أن القران الكريم عبارة عن منظومة حسابية محورها هو رقم 19 ، ومن منطلق ذلك نراه ههنا يقول أن كلمة ( الله ) وردت في كل القرآن 2699 وهو رقم ليس من مضاعفات الرقم 19 ، إذا عددنا 128،129 بينما عدد كلمة الله في القرآن بدون هاتين الآيتين هو 2698 =142 x 19
ومن حيث المبدأ فنحن لا نرى دليلا عقليا أو منقولا يثبت أن القران الكريم عبارة عن منظومة حسابية محورها رقم 19 ، ومع ذلك سنجارى المذكور وفق معتقداته ونقول أن كلمة ( الله ) قد وردت في القران الكريم 2698 مرة وليس 2699 كما زعم رشاد خليفة
انظر الرابط التالى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وهذا الرقم ــ أي 2698 ــ هو مضاعفات رقم 19 ( 142 × 19 = 2698 )
وبالتالي فلو فرضنا جدلا أن رقم 19 هو محور الإعجاز الحسابي للقران الكريم ، فان هذه المنظومة لن تكتمل الا بوجود آخر آيتي التوبة ، أما إذا أسقطناهما فهذا يعنى أن كلمة ( الله ) ستكون 2697 كلمة ، وهذا الرقم ليس من مضاعفات الرقم 19
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري فان العدد الذي ذكره رشاد خليفة لكلمة ( الله ) وهو رقم 2699 هو رقم لم يشتمل على لفظ كلمة ( الله ) لفظا حرفيا ، بل هو يجمع كلمة ( الله ) ومشتقاتها مثل كلمة لله أو بالله أو فالله ، وبالتالي فان حساباته لم تكن بالدقة اللازمة ومن ناحية ثالثة ، فلو تتبعنا آخر آيتي التوبة فسنجد ما يلي : ــ
1 ــ أن كلمة ( أنفسكم ) ــ بحروفها اللفظية دون مشتقاتها ــ الواردة بالآية قبل الأخيرة من تلك السورة قد وردت بالقران الكريم 38 مرة وهى من مضاعفات الرقم 19 ( 19 × 2 = 38 )
2 ــ أن كلمة ( وهو ) ــ بحروفها اللفظية دون مشتقاتها ــ الواردة بالآية الأخيرة من تلك السورة قد وردت بالقران الكريم 171 مرة وهى من مضاعفات الرقم 19 ( 19 × 9 = 171 )
وعلى ما تقدم فاننا بمجاراة رشاد خليفة في اعتقاداته الفاسدة نقول أن المنظومة الحسابية لكلمة ( أنفسكم ) وكلمة ( وهو ) لن تكتمل الا بوجود آخر آيتي التوبة
ثانيا : الرد على شبهة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يده
لقد زعم رشاد خليفة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يد ، وإذا كان رشاد خليفة غير معترف بالسنة النبوية المطهرة ولا يأخذ بها كدليل في الرد على مزاعمه ، فاننا سنستشهد بالقران الكريم للرد على شبهات خليفة وذلك على النحو التالى : ــ
1 ــ يقول تعالى في الآية 48 من سورة العنكبوت ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)
جاء في تفسير الطبري : يقول تعالـى ذكره: { وَما كُنْتَ } يا مـحمد { تَتْلُوا } يعنـي تقرأ { مِنْ قَبْلِهِ } يعنـي من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إلـيك { مِنْ كِتَابٍ وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ } يقول: ولـم تكن تكتب بـيـمينك، ولكنك كنت أمِّيًّا { إذاً لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ } يقول: ولو كنت من قبل أن يُوحَى إلـيك تقرأ الكتاب، أو تـخطه بـيـمينك، إذن لارتاب: يقول: إذن لشكّ بسبب ذلك فـي أمرك، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه علـيهم الـمبطلون القائلون إنه سجع وكهانة، وإنه أساطير الأوّلـين
إذن ، فالقران الكريم يثبت إثباتا مؤكدا أن النبي محمد عليه السلام كان لا يقرا ولا يكتب ، فكيف يأتي رشاد خليفة ليقول لنا أن النبي محمد عليه كان قد كتب القران الكريم بخط يده ؟
2 ــ يقول تعالى في الآية 157 من سورة الأعراف ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
3 ــ يقول تعالى في الآية 158 من سورة الأعراف ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
3 ــ جاء في المحيط أن الأُمِّيُّ : الذي لا يقرأ ولا يكتب وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمونَ الْكِتَابَ / الأُمِّيُّون يفتقرون إلى المعرفة
وجاء في الغنى أن أُمِّيّ ٌ، ةٌ – ج : أُمِّيُّون َ، أُمِّيَّات ٌ. [أ م م] . " كانَ أُمِّيّاً " : أَيْ لاَ يَعْرِفُ الكِتابَةَ وَلاَ القِراءة هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ رَسولاً (قرآن)
فإذا كان الأمي هو الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة حسب مفهوم اللغة العربية ، وكان القران الكريم قد اثبت أن النبي محمد عليه السلام كان أميا ، فهذا دليل كاف واف شاف على أن النبي محمد عليه السلام لم يكتب القران الكريم بخط بيده ، ومن ثم تبطل حجة رشاد خليفة في هذه الجزئية
ثالثا : الرد على شبهة إضافة آخر آيتي التوبة تكريما للنبي عليه السلام
أورد رشاد خليفة أن أحد الصحابة اقترح إضافة آخر آيتي التوبة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام وقد وافقته في هذا الأمر مجموعة كتبة القران الكريم باستثناء الامام على كرم الله وجهه
وان ما أوده رشاد خليفة لا يمكن أبدا أن يرقى إلي دليل سليم يعتد به ويقبله العقلاء من الناس وذلك للآتي : ــ
1 ــ انه لم يرد أي نص في أي كتاب يقول أن أحد كتبة القران الكريم المكلفين بجمعه في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه كان قد اقترح إضافة هاتين الآيتين الأخيرتين من سورة التوبة وان باقي المجموعة التي تتولى جمع القران الكريم قد وافقت على هذه الإضافة باستثناء الامام على كرم الله وجهه
ولا نرى هذا الكلام الا مجرد افتراءات يفتريها رشاد خليفة على الصحابة الكريم وأقوالا من عند نفسه ما انزل الله بها من سلطان
وهل يقبل الإنسان العاقل أن يصدق هذه الفرية عن الصحابة الكرام الذين كانوا يتحرون الدقة البالغة في جمع القران الكريم ووضع كل كلمة في مكانها الصحيح ؟
وقد جاء في كتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطى ما يلي : ــ وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال : قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان وهذا يدل على أن زيداً كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوباً حتى يشهد به من تلقاه سماعاً مع كون زيد كان يحفظ فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط
وأخرج ابن أبي داود أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه
رجاله ثقات مع انقطاعه
قال ابن حجر : وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب وقال السخاوي في جمال القراء: المراد انهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن
قال أبو شامة : وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لا من مجرد الحفظ
قال : ولذلك قال في آخر سورة التوبة : لم أجدها مع غيره : أي لم أجدها مكتوبة مع غيره لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة
قلت : أو المراد أنهما يشهدان على ذلك مما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم عام وفاته كما يؤخذ مما تقدم آخر النوع السادس عشر
وحيث لم يثبت أبدا من أي مصدر أن أحد جامعى القران الكريم قد اقترح إضافة آخر آيتي التوبة ، كما انه قد ثبت من ناحية أخري أن الصحابة الكرام كانوا يتحرون الدقة البالغة في كلام الله ، فمن ثم فان شبهة إضافة آخر آيتي التوبة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام تكون شبهة باطلة ويشوبها الفساد والبطلان من كل نواحيها ليتحمل إثمها ووزرها كاتبها وحده هو وأعوانه ومؤيدوه ومروجو أفكاره ومعتقداته
ومن كل ما تقدم فان شبهة تزوير آخر آيتي التوبة ودسها في القران الكريم تكون شبهة زائفة ، ليظل كتاب الله محروسا من كل نقص أو تحريف منذ عهد النبي الكريم وأصحابه الأطهار وحتى يومنا هذا كما هو مبين بمصاحفنا التي بين أيدينا اليوم
والى اللقاء في الجزء الرابع بمشيئة الله تعالى
بقلم / مدحت الخطيب
لقد بلغت شطحات رشاد خليفة مبلغا لا يمكن التغافل عنه أبدا ، فلم يكتف بادعائه بالرسالة ولا بإنكاره للسنة النبوية المطهرة ، وغير ذلك من الامور العظام الجسام ، بل نراه قد بلغ به الأمر الادعاء أن آخر آيتين من سورة التوبة مزورتان ومدسوستان على القران الكريم دسا حيث يقول : فبعد وفاة النبي محمد دس بعض كتبة القرآن الكريم آيتين مزيفتين في آخر سورة براءة ( سورة التوبة ) وهى آخر سورة نزلت في المدينة المنورة ، ولسوف تثبت الأدلة التي سنقدمها في هذا الملحق إثباتا قطعيا زور هاتين الآيتين ولسوف تؤكد لزوم إزالة هاتين الآيتين من سورة التوبة ليعود القرآن كما أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه الكريم نقيا وكاملا 0
ويدعى رشاد خليفة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يده حيث يقول : وكان الاتفاق هو أن تكتب كل النسخ على نمط المصحف الأصلي الذي كتبه النبي محمد بنفسه بخط يده من الوحي الإلهي
وفى موضع آخر يقول : وكما نعرف فإن النبي محمد كتب القرآن بالترتيب الذي نزل به عليه ومعه تعليمات واضحة ومحددة لوضع كل جزء في مكانه المقرر له
ويدعى المذكور ان سبب إضافة آخر آيتي التوبة كان اقتراحا من بعض الصحابة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام ، حيث يقول : وعندما وصل كتبة القرآن إلي سورة براءة ( التوبة) وضعوها في مكانها المقرر لها وهو السورة التاسعة في المصحف ، ولكن أحد الكتبة اقترح إضافة آيتين لتكريم وتشريف النبي محمد . وباستثناء على ابن أبى طالب فقد وافق أعضاء الجماعة المشرفة على كتابة القرآن على هذا الاقتراح . وغضب على بن أبي طالب غضبا شديدا واعترض بشدة على تغيير ما كتبه النبي بنفسه
ثم نراه بعد ذلك يجهد نفسه بعمليات حسابية يحاول من خلالها إثبات أن آخر آيتي التوبة مزورتان ومدسوستان على القران الكريم ، ومما قاله في هذا الشأن ما يلي : أول مخالفة للتركيب الحسابي للقرآن في الآيات 128 و 129 يظهر بجلاء عندما وجدنا أن عدد كلمة ( الله ) في كل القرآن هو 2699 وهو رقم ليس من مضاعفات الرقم 19 ، إذا عددنا 128،129 بينما عدد كلمة الله في القرآن بدون هاتين الآيتين هو 2698 =142 x 19 وهو نفس نظام الإعجاز الحساب في بقية القرآن
هذا وقد قمنا بالاطلاع على ترجمة القران الكريم لرشاد خليفة فوجدنا قد اسقط بالفعل آخر آيتي التوبة ، وهذا معناه انه عامد عمدا مؤكدا على إسقاطهما من القران الكريم وإضلال الناس وإبعادهم عن طريق الهدى والصراط المستقيم
وسوف نقوم بمشيئة الله تعالى بالرد على معتقدات وافتراءات رشاد خليفة من حيث آخر أدلته بشان آخر آيتي التوبة
أولا : الرد على دليل الرقم 19 سبق لنا في الجزأين السابقين أن قلنا أن رشاد خليفة يرى أن القران الكريم عبارة عن منظومة حسابية محورها هو رقم 19 ، ومن منطلق ذلك نراه ههنا يقول أن كلمة ( الله ) وردت في كل القرآن 2699 وهو رقم ليس من مضاعفات الرقم 19 ، إذا عددنا 128،129 بينما عدد كلمة الله في القرآن بدون هاتين الآيتين هو 2698 =142 x 19
ومن حيث المبدأ فنحن لا نرى دليلا عقليا أو منقولا يثبت أن القران الكريم عبارة عن منظومة حسابية محورها رقم 19 ، ومع ذلك سنجارى المذكور وفق معتقداته ونقول أن كلمة ( الله ) قد وردت في القران الكريم 2698 مرة وليس 2699 كما زعم رشاد خليفة
انظر الرابط التالى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وهذا الرقم ــ أي 2698 ــ هو مضاعفات رقم 19 ( 142 × 19 = 2698 )
وبالتالي فلو فرضنا جدلا أن رقم 19 هو محور الإعجاز الحسابي للقران الكريم ، فان هذه المنظومة لن تكتمل الا بوجود آخر آيتي التوبة ، أما إذا أسقطناهما فهذا يعنى أن كلمة ( الله ) ستكون 2697 كلمة ، وهذا الرقم ليس من مضاعفات الرقم 19
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري فان العدد الذي ذكره رشاد خليفة لكلمة ( الله ) وهو رقم 2699 هو رقم لم يشتمل على لفظ كلمة ( الله ) لفظا حرفيا ، بل هو يجمع كلمة ( الله ) ومشتقاتها مثل كلمة لله أو بالله أو فالله ، وبالتالي فان حساباته لم تكن بالدقة اللازمة ومن ناحية ثالثة ، فلو تتبعنا آخر آيتي التوبة فسنجد ما يلي : ــ
1 ــ أن كلمة ( أنفسكم ) ــ بحروفها اللفظية دون مشتقاتها ــ الواردة بالآية قبل الأخيرة من تلك السورة قد وردت بالقران الكريم 38 مرة وهى من مضاعفات الرقم 19 ( 19 × 2 = 38 )
2 ــ أن كلمة ( وهو ) ــ بحروفها اللفظية دون مشتقاتها ــ الواردة بالآية الأخيرة من تلك السورة قد وردت بالقران الكريم 171 مرة وهى من مضاعفات الرقم 19 ( 19 × 9 = 171 )
وعلى ما تقدم فاننا بمجاراة رشاد خليفة في اعتقاداته الفاسدة نقول أن المنظومة الحسابية لكلمة ( أنفسكم ) وكلمة ( وهو ) لن تكتمل الا بوجود آخر آيتي التوبة
ثانيا : الرد على شبهة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يده
لقد زعم رشاد خليفة أن النبي محمد عليه السلام كان قد كتب القران الكريم بخط يد ، وإذا كان رشاد خليفة غير معترف بالسنة النبوية المطهرة ولا يأخذ بها كدليل في الرد على مزاعمه ، فاننا سنستشهد بالقران الكريم للرد على شبهات خليفة وذلك على النحو التالى : ــ
1 ــ يقول تعالى في الآية 48 من سورة العنكبوت ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)
جاء في تفسير الطبري : يقول تعالـى ذكره: { وَما كُنْتَ } يا مـحمد { تَتْلُوا } يعنـي تقرأ { مِنْ قَبْلِهِ } يعنـي من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إلـيك { مِنْ كِتَابٍ وَلا تَـخُطُّهُ بِـيَـمِينِكَ } يقول: ولـم تكن تكتب بـيـمينك، ولكنك كنت أمِّيًّا { إذاً لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ } يقول: ولو كنت من قبل أن يُوحَى إلـيك تقرأ الكتاب، أو تـخطه بـيـمينك، إذن لارتاب: يقول: إذن لشكّ بسبب ذلك فـي أمرك، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه علـيهم الـمبطلون القائلون إنه سجع وكهانة، وإنه أساطير الأوّلـين
إذن ، فالقران الكريم يثبت إثباتا مؤكدا أن النبي محمد عليه السلام كان لا يقرا ولا يكتب ، فكيف يأتي رشاد خليفة ليقول لنا أن النبي محمد عليه كان قد كتب القران الكريم بخط يده ؟
2 ــ يقول تعالى في الآية 157 من سورة الأعراف ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
3 ــ يقول تعالى في الآية 158 من سورة الأعراف ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
3 ــ جاء في المحيط أن الأُمِّيُّ : الذي لا يقرأ ولا يكتب وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمونَ الْكِتَابَ / الأُمِّيُّون يفتقرون إلى المعرفة
وجاء في الغنى أن أُمِّيّ ٌ، ةٌ – ج : أُمِّيُّون َ، أُمِّيَّات ٌ. [أ م م] . " كانَ أُمِّيّاً " : أَيْ لاَ يَعْرِفُ الكِتابَةَ وَلاَ القِراءة هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ رَسولاً (قرآن)
فإذا كان الأمي هو الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة حسب مفهوم اللغة العربية ، وكان القران الكريم قد اثبت أن النبي محمد عليه السلام كان أميا ، فهذا دليل كاف واف شاف على أن النبي محمد عليه السلام لم يكتب القران الكريم بخط بيده ، ومن ثم تبطل حجة رشاد خليفة في هذه الجزئية
ثالثا : الرد على شبهة إضافة آخر آيتي التوبة تكريما للنبي عليه السلام
أورد رشاد خليفة أن أحد الصحابة اقترح إضافة آخر آيتي التوبة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام وقد وافقته في هذا الأمر مجموعة كتبة القران الكريم باستثناء الامام على كرم الله وجهه
وان ما أوده رشاد خليفة لا يمكن أبدا أن يرقى إلي دليل سليم يعتد به ويقبله العقلاء من الناس وذلك للآتي : ــ
1 ــ انه لم يرد أي نص في أي كتاب يقول أن أحد كتبة القران الكريم المكلفين بجمعه في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه كان قد اقترح إضافة هاتين الآيتين الأخيرتين من سورة التوبة وان باقي المجموعة التي تتولى جمع القران الكريم قد وافقت على هذه الإضافة باستثناء الامام على كرم الله وجهه
ولا نرى هذا الكلام الا مجرد افتراءات يفتريها رشاد خليفة على الصحابة الكريم وأقوالا من عند نفسه ما انزل الله بها من سلطان
وهل يقبل الإنسان العاقل أن يصدق هذه الفرية عن الصحابة الكرام الذين كانوا يتحرون الدقة البالغة في جمع القران الكريم ووضع كل كلمة في مكانها الصحيح ؟
وقد جاء في كتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطى ما يلي : ــ وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال : قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان وهذا يدل على أن زيداً كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوباً حتى يشهد به من تلقاه سماعاً مع كون زيد كان يحفظ فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط
وأخرج ابن أبي داود أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه
رجاله ثقات مع انقطاعه
قال ابن حجر : وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب وقال السخاوي في جمال القراء: المراد انهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن
قال أبو شامة : وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لا من مجرد الحفظ
قال : ولذلك قال في آخر سورة التوبة : لم أجدها مع غيره : أي لم أجدها مكتوبة مع غيره لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة
قلت : أو المراد أنهما يشهدان على ذلك مما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم عام وفاته كما يؤخذ مما تقدم آخر النوع السادس عشر
وحيث لم يثبت أبدا من أي مصدر أن أحد جامعى القران الكريم قد اقترح إضافة آخر آيتي التوبة ، كما انه قد ثبت من ناحية أخري أن الصحابة الكرام كانوا يتحرون الدقة البالغة في كلام الله ، فمن ثم فان شبهة إضافة آخر آيتي التوبة تكريما وتشريفا للنبي عليه السلام تكون شبهة باطلة ويشوبها الفساد والبطلان من كل نواحيها ليتحمل إثمها ووزرها كاتبها وحده هو وأعوانه ومؤيدوه ومروجو أفكاره ومعتقداته
ومن كل ما تقدم فان شبهة تزوير آخر آيتي التوبة ودسها في القران الكريم تكون شبهة زائفة ، ليظل كتاب الله محروسا من كل نقص أو تحريف منذ عهد النبي الكريم وأصحابه الأطهار وحتى يومنا هذا كما هو مبين بمصاحفنا التي بين أيدينا اليوم
والى اللقاء في الجزء الرابع بمشيئة الله تعالى
بقلم / مدحت الخطيب