تنص المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على انه "إذا توفى المحكوم عليه بعد الحكم عليه نهائيا تنفذ العقوبات المالية والتعويضات وما يجب رده والمصاريف في تركته " 0
إن الغرض من العقوبات الجنائية هو الإيلام الذي يصيب الجاني جزاء على مخالفته نصوص وقواعد القانون سواء كان هذا الإيلام منصبا على حياة وروح الجاني أو على حريته أو في أمواله 0
وتقوم فلسفة العقوبة على الزجر والردع ، فهى زجر للجاني على سلوكه المجرم وردعا له حتى لا يعود إلي سلوك آثم بعد ذلك ، ومن ثم فلا يتصور تنفيذ هذا الإيلام وتطبيق تلك الفلسفة العقابية الا على شخص أو مال المجرم ذاته اثناء حياته وهو ما أكده الدستور المصري إذ تنص المادة 66/1 منه على أن " العقوبة شخصية " 0
وعلى ما تقدم فانه لا يتصور تحقيق الغاية المرجوة من العقوبة ــ ومنها الغرامة ــ على شخص ليس على قيد الحياة ، إذ بوفاة المحكوم عليه تنقضي العقوبة ولا تنفذ على ورثته في أشخاصهم أو أموالهم لان العقوبة شخصية ولا تورث حتى ولو كانت عقوبات مالية كالغرامة حيث لم يفرق الدستور بين عقوبة الإعدام أو عقوبة السجن بأنواعه أو الحبس أو الغرامة 0
ومن الخطأ فعلا القول بان عقوبة الغرامة متى حازت حجية الأمر المقضي من الأحكام تصير دينا على المحكوم عليه لصالح الدولة ، فهناك اختلاف شاسع وعميق بين العقوبة ــ ومنها الغرامة ــ وبين الديون 0
فالعقوبات ــ بجميع أنواعها ومنها الغرامة ــ تنفذها الدولة ضد المحكوم عليه جزاء له عما ارتكبه من مخالفة لقانون العقوبات والنصوص المكملة له من اجل زجره وردعه على النحو الموضح سلفا ، ولن يشعر المحكوم عليه بهذا الإيلام ولا بالزجر ولا بالردع في حالة وفاته ، فعلى أي أساس كانت التفرقة في نوعيات العقوبة حتى نقول هذه تصير دينا وتلك لا تصير كذلك ؟!
وبمعنى آخر 00 لماذا نعتبر الغرامة دينا على المحكوم عليه وتنفذ في تركته بعد وفاته ولا تعتبر عقوبة الحبس مثلا دينا على المحكوم عليه بحيث إذا توفى هذا الأخير قبل اكتمال مدة تنفيذ العقوبة كان من حق الدولة أن تحصل من تركته مبلغا ماليا بضوابط وحسابات معينة عن المدة المتبقية لاكتمال مدة العقوبة ؟!
كيف تصير عقوبة الغرامة دينا ؟!
وهل هناك ما يمكن أن نسميه بالدين الجنائى ؟
بالطبع لا يعرف القانون شيئا اسمه الدين الجنائى ، ولكن هناك ديون مدنية وهى تنشا على عاتق الشخص ــ طبيعيا أو اعتباريا ــ نتيجة مصادر الالتزام المبينة حصرا في القانون المدني وهى العقد والارادة المنفردة والعمل غير المشروع والإثراء بلا سبب والقانون ، فليس من بين هذه المصادر العقوبات المالية 0
أن القول بان عقوبة الغرامة تصير دينا على المحكوم عليه سوف يغير من غرض وفلسفة العقوبة ، ومن الممكن أن تستغل السلطات المختصة عقوبة الغرامة فتسن تشريعات تغالي فيها من قدر قيمة الغرامة المعاقب بها وليس ذلك بغرض الإيلام والزجر والردع ولكن لتحصيل أعلي قدر ممكن من المبالغ المالية لصالح خزينة الدولة مادامت الغرامة ستصير دينا على المحكوم عليه وستنفذها الدولة جبرا من تركته بعد وفاته ، فما يهم السلطات المختصة في هذه الحالة هو جمع الأموال لصالح الدولة وليس لمعاقبة المجرم وزجره وردعه ، ولذلك وجب أن توضع الامور في أماكنها الصيحة فتظل العقوبات المالية عقوبات مالية وتظل الديون المدنية ديونا مدنية ولا تتحول هذه العقوبات المالية في أي وقت من الأوقات أو في أي حال من الأحوال إلي ديون مدنية 0
فإذا كنا قد انتهينا فيما تقدم إلي أن العقوبات المالية ومنها الغرامة بالطبع لا يمكنها أن تتحول إلي ديون مدنية بل تظل موصوفة بأنها عقوبة مالية جنائية ولا يتغير عنها هذا الوصف أبدا فمن ثم تأخذ الغرامة كعقوبة جنائية كافة أحكام وقواعد العقوبات الجنائية الأخري ومنها أنها عقوبة شخصية وأنها تسقط بوفاة المحكوم عليه ، وبالتالي فانه لا يجوز أن تنفذ في تركة المحكوم عليه بعد وفاته لأنه بالوفاة تسقط العقوبة وتنتقل التركة إلي الورثة لتكون ملكا خالصا لهم ، ومن ثم فالتنفيذ على التركة يكون تنفيذا على مال مملوك للورثة ويجعل عقوبة الغرامة غير شخصية وهو ما يتعارض والمادة 66/1 من الدستور 0
والواقع أن نص المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري يناقض نفسه بنفسه ، فهو يؤكد صراحة على وجود عقوبات مالية ، ثم هو بعد ذلك يقضى بتنفيذ هذه العقوبات في تركة المحكوم عليه بحكم نهائي ، وما كان لهذا النص أن يقضى بذلك بعدما أكد وجود العقوبات المالية التي هي شخصية ولا تورث 0
والواقع انه يجب التفرقة بين العقوبات المالية من جهة وبين التعويضات وما يجب رده والمصاريف من جهة أخري 0
فاما التعويضات وما يجب رده والمصاريف فهى فعلا ديون مستحقة للدولة أو غيرها من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية لان الشخص قد انشغلت ذمته بهذه المبالغ والتزم بها نتيجة مصدر من مصادر الالتزام المبينة حصرا في القانون المدني كما أوردناها سلفا وبالتالي فهى تنفذ في تركة المحكوم عليه بحكم نهائي ولا غبار على النص في هذه الجزئية من الناحية الدستورية 0
اما العقوبات المالية فهى عقوبة وليست دينا مدنيا خاصة وان المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري ذكرت ذلك بقولها " العقوبات المالية " ولم يقل " المبالغ المالية " أو " الحقوق المالية " أو غير ذلك من الألفاظ ، فلفظ " العقوبات المالية " يؤكد أن هذه المبالغ المالية عقوبات وليست ديونا وبالتالي فلا يجوز التوسع في تفسير النص ، خصوصا في المسائل الجنائية فنجعل الغرامة دينا لصالح الدولة ، ولكن الغرامة هي عقوبة تنفذها الدولة ضد الجاني وحده وليست تركة الجاني هي الجاني 0
ولهذا فاننا نضع المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري تحت بصر وبصيرة المشرع المصري كي يقوم بتعديلها بما يتفق مع اعتبار الغرامة عقوبة جنائية وليست دينا مدنيا 0
كما نضع هذه المادة تحت أعين رجال القانون ربما أفادتهم إذا دفعوا بعدم دستورية المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري 0
إن الغرض من العقوبات الجنائية هو الإيلام الذي يصيب الجاني جزاء على مخالفته نصوص وقواعد القانون سواء كان هذا الإيلام منصبا على حياة وروح الجاني أو على حريته أو في أمواله 0
وتقوم فلسفة العقوبة على الزجر والردع ، فهى زجر للجاني على سلوكه المجرم وردعا له حتى لا يعود إلي سلوك آثم بعد ذلك ، ومن ثم فلا يتصور تنفيذ هذا الإيلام وتطبيق تلك الفلسفة العقابية الا على شخص أو مال المجرم ذاته اثناء حياته وهو ما أكده الدستور المصري إذ تنص المادة 66/1 منه على أن " العقوبة شخصية " 0
وعلى ما تقدم فانه لا يتصور تحقيق الغاية المرجوة من العقوبة ــ ومنها الغرامة ــ على شخص ليس على قيد الحياة ، إذ بوفاة المحكوم عليه تنقضي العقوبة ولا تنفذ على ورثته في أشخاصهم أو أموالهم لان العقوبة شخصية ولا تورث حتى ولو كانت عقوبات مالية كالغرامة حيث لم يفرق الدستور بين عقوبة الإعدام أو عقوبة السجن بأنواعه أو الحبس أو الغرامة 0
ومن الخطأ فعلا القول بان عقوبة الغرامة متى حازت حجية الأمر المقضي من الأحكام تصير دينا على المحكوم عليه لصالح الدولة ، فهناك اختلاف شاسع وعميق بين العقوبة ــ ومنها الغرامة ــ وبين الديون 0
فالعقوبات ــ بجميع أنواعها ومنها الغرامة ــ تنفذها الدولة ضد المحكوم عليه جزاء له عما ارتكبه من مخالفة لقانون العقوبات والنصوص المكملة له من اجل زجره وردعه على النحو الموضح سلفا ، ولن يشعر المحكوم عليه بهذا الإيلام ولا بالزجر ولا بالردع في حالة وفاته ، فعلى أي أساس كانت التفرقة في نوعيات العقوبة حتى نقول هذه تصير دينا وتلك لا تصير كذلك ؟!
وبمعنى آخر 00 لماذا نعتبر الغرامة دينا على المحكوم عليه وتنفذ في تركته بعد وفاته ولا تعتبر عقوبة الحبس مثلا دينا على المحكوم عليه بحيث إذا توفى هذا الأخير قبل اكتمال مدة تنفيذ العقوبة كان من حق الدولة أن تحصل من تركته مبلغا ماليا بضوابط وحسابات معينة عن المدة المتبقية لاكتمال مدة العقوبة ؟!
كيف تصير عقوبة الغرامة دينا ؟!
وهل هناك ما يمكن أن نسميه بالدين الجنائى ؟
بالطبع لا يعرف القانون شيئا اسمه الدين الجنائى ، ولكن هناك ديون مدنية وهى تنشا على عاتق الشخص ــ طبيعيا أو اعتباريا ــ نتيجة مصادر الالتزام المبينة حصرا في القانون المدني وهى العقد والارادة المنفردة والعمل غير المشروع والإثراء بلا سبب والقانون ، فليس من بين هذه المصادر العقوبات المالية 0
أن القول بان عقوبة الغرامة تصير دينا على المحكوم عليه سوف يغير من غرض وفلسفة العقوبة ، ومن الممكن أن تستغل السلطات المختصة عقوبة الغرامة فتسن تشريعات تغالي فيها من قدر قيمة الغرامة المعاقب بها وليس ذلك بغرض الإيلام والزجر والردع ولكن لتحصيل أعلي قدر ممكن من المبالغ المالية لصالح خزينة الدولة مادامت الغرامة ستصير دينا على المحكوم عليه وستنفذها الدولة جبرا من تركته بعد وفاته ، فما يهم السلطات المختصة في هذه الحالة هو جمع الأموال لصالح الدولة وليس لمعاقبة المجرم وزجره وردعه ، ولذلك وجب أن توضع الامور في أماكنها الصيحة فتظل العقوبات المالية عقوبات مالية وتظل الديون المدنية ديونا مدنية ولا تتحول هذه العقوبات المالية في أي وقت من الأوقات أو في أي حال من الأحوال إلي ديون مدنية 0
فإذا كنا قد انتهينا فيما تقدم إلي أن العقوبات المالية ومنها الغرامة بالطبع لا يمكنها أن تتحول إلي ديون مدنية بل تظل موصوفة بأنها عقوبة مالية جنائية ولا يتغير عنها هذا الوصف أبدا فمن ثم تأخذ الغرامة كعقوبة جنائية كافة أحكام وقواعد العقوبات الجنائية الأخري ومنها أنها عقوبة شخصية وأنها تسقط بوفاة المحكوم عليه ، وبالتالي فانه لا يجوز أن تنفذ في تركة المحكوم عليه بعد وفاته لأنه بالوفاة تسقط العقوبة وتنتقل التركة إلي الورثة لتكون ملكا خالصا لهم ، ومن ثم فالتنفيذ على التركة يكون تنفيذا على مال مملوك للورثة ويجعل عقوبة الغرامة غير شخصية وهو ما يتعارض والمادة 66/1 من الدستور 0
والواقع أن نص المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري يناقض نفسه بنفسه ، فهو يؤكد صراحة على وجود عقوبات مالية ، ثم هو بعد ذلك يقضى بتنفيذ هذه العقوبات في تركة المحكوم عليه بحكم نهائي ، وما كان لهذا النص أن يقضى بذلك بعدما أكد وجود العقوبات المالية التي هي شخصية ولا تورث 0
والواقع انه يجب التفرقة بين العقوبات المالية من جهة وبين التعويضات وما يجب رده والمصاريف من جهة أخري 0
فاما التعويضات وما يجب رده والمصاريف فهى فعلا ديون مستحقة للدولة أو غيرها من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية لان الشخص قد انشغلت ذمته بهذه المبالغ والتزم بها نتيجة مصدر من مصادر الالتزام المبينة حصرا في القانون المدني كما أوردناها سلفا وبالتالي فهى تنفذ في تركة المحكوم عليه بحكم نهائي ولا غبار على النص في هذه الجزئية من الناحية الدستورية 0
اما العقوبات المالية فهى عقوبة وليست دينا مدنيا خاصة وان المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري ذكرت ذلك بقولها " العقوبات المالية " ولم يقل " المبالغ المالية " أو " الحقوق المالية " أو غير ذلك من الألفاظ ، فلفظ " العقوبات المالية " يؤكد أن هذه المبالغ المالية عقوبات وليست ديونا وبالتالي فلا يجوز التوسع في تفسير النص ، خصوصا في المسائل الجنائية فنجعل الغرامة دينا لصالح الدولة ، ولكن الغرامة هي عقوبة تنفذها الدولة ضد الجاني وحده وليست تركة الجاني هي الجاني 0
ولهذا فاننا نضع المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري تحت بصر وبصيرة المشرع المصري كي يقوم بتعديلها بما يتفق مع اعتبار الغرامة عقوبة جنائية وليست دينا مدنيا 0
كما نضع هذه المادة تحت أعين رجال القانون ربما أفادتهم إذا دفعوا بعدم دستورية المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية المصري 0